
إياكم من العائن والحاسد
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله واهب الخيرات، وجالب المسرات، ودافع المصيبات، والصلاة والسلام على من فضله المولى على البشر تفضيلا، محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن السحر وأنواعه وما يقوم به العبد حتي يتخلص منه وعن حكم الإسلام في الساحر والدجال والمشعوز، وإن العائن أي صاحب العين، والحاسد يشتركان في شيء، ويفترقان في شيء، فيشتركان في أن كل واحد منهما تتكيف نفسه وتتوجه نحو من يريد أذاه، فالعائن تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته، والحاسد يحصل له ذلك عند غيبة المحسود وحضوره أيضا، ويفترقان في أن العائن قد يصيب من لا يحسده من جماد أو حيوان أو زرع أو مال، وإن كان لا يكاد ينفك من حسد صاحبه وربما أصابت عينه نفسه، فإن رؤيته للشيء رؤية تعجب وتحديق.
مع تكيف نفسه بتلك الكيفية تؤثر في المعين، وقد قال غير واحد من المفسرين في قوله تعالى كما جاء في سورة القلم ” وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ” أي إنه الإصابة بالعين، فأرادوا أن يصيبوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إليه قوم من العائنين، وقالوا ما رأينا مثله ولا مثل حجته، وكان طائفة منهم تمر بهم الناقة والبقرة السمينة فيعينها، ثم يقول لخادمه خذ المكتل والدرهم وائتنا بشيء من لحمها، فما تبرح حتى تقع فتنحر، وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “العين حق” وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث أسماء بنت عميس رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين، أفنسترقي لهم؟ قال ” نعم، فلو كان شيء يسبق القضاء، لسبقته العين”
وروى ابن عدي في الكامل من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن العين لتدخل الرجل القبر، وتدخل الجمل القدر” وأرشد النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم المؤمن إذا رأى شيئا أن يبرّك أي يقول اللهم بارك عليه، وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث سهل بن حنيف رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” علام يقتل أحدكم أخاه؟ هلّا إذا رأيت ما يعجبك برّكت؟” ومن أسباب الحفظ والوقاية من السحر أو العين أو غيرها هو التوكل على الله تعالي فهو أعظم ما تدفع به الآفات وأنفع ما تحصل به المطالب، فمن توكل على الله كفاه أموره كلها، حيث قال تعالى ” ومن يتوكل علي الله فهو حسبه ” وثانيا هو إمتثال أوامر الله وإجتناب نواهيه، فمن حفظ الله في أوامره ونواهيه حفظه الله في دينه ودنياه وأهله وماله.
قال تعالى ” فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين ” وروى الترمذي في سننه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “احفظ الله يحفظك” وكما أن من أسباب الحفظ والوقاية من السحر أو العين أو غيرها هو كثرة ذكر الله عند دخول المنزل وعند الخروج وفي الصباح والمساء، حيث روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، في يوم مئة مرة، كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مئة حسنة، ومحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأتي أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك” فنسأل الله العظيم أن يحفظنا من شر الأشرار وكيد الفجّار ومن شر ما تعاقب عليه الليل والنهار.